عليما بتوبتهم إن تابوا، وإصرارهم إن أصروا، حكيما في مؤاخذتهم إن لم يتوبوا.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لما هبط إبليس قال: وعزتك وعظمتك، لا أفارق ابن آدم حتى تفارق روحه جسده، فقال الله: وعزتي وعظمتي لا أحجب التوبة عن عبدي حتى يغرغو.
قوله تعالى:
(وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما) (18) - آية واحدة -.
المعنى: أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لا يقبل التوبة من الذي يعمل المعاصي حتى إذا حضره الموت قال: إني تبت الآن، وأجمع أهل التأويل على أن الآية تناولت عصاة أهل الصلاة، إلا ما حكي عن الربيع أنه قال: إنها في المنافقين، وهذا غلط لان المنافقين كفار، وقد بين الله الكفار بقوله: (ولا الذين يموتون وهم كفار) وقال الربيع أيضا: إن الآية منسوخة بقوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (1). وهذا خطأ لان النسخ لا يدخل في الخبر الذي يجري هذا المجرى، ومن جوز العفو بلا توبة يمكنه أن يقول: إن التوبة التي وعد الله باسقاط العقاب عندها قطعا متى حصلت في هذا الوقت لا يسقط العقاب، ولا يمنع ذلك من أن يتفضل الله باسقاط العقاب ابتداء بلا توبة، كما لو خرج من دار الدنيا من غير توبة أصلا، لم يمنع ذلك من جواز العفو عنه، فليس في الآية ما ينافي القول بجواز العفو من غير توبة. وقال جميع المفسرين، كابن عباس، وابن عمر، وإبراهيم، وابن زيد، وغيرهم: إن الذين يحتضرون لا تقبل لهم توبة، غير إن الذين يحضرون الميت لا يعرفون تلك الحال معرفة يمكن