وفي الآية دلالة على جواز الحجر على اليتيم إذا بلغ، ولم يؤنس منه الرشد، لان الله تعالى منع من دفع المال إلى السفهاء، وقد بينا أن المراد به أموالهم على بعض الأحوال.
وفي الآية دلالة على وجوب الوصية، إذا كان الورثة سفهاء، لان ترك الوصية بمنزلة إعطاء المال في حال الحياة إلى من هو سفيه، وإنما سمي الناقص العقل سفيها (1)، وان لم يكن عاصيا، لان السفه هو خفة الحلم، ولذلك سمي الفاسق سفيها، لأنه لا وزن له عند أهل الدين (2)، والعلم فثقل الوزن وخفته، ككبر القدر وصغره.
قوله تعالى : (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فاشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا) (6) - آية بلا خلاف -.
المعنى:
هذا خطاب لأولياء اليتامى، أمر الله تعالى بأن يختبروا عقول اليتامى في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم. وهو قول قتادة، والحسن، والسدي، ومجاهد، وابن عباس، وابن زيد. وقد بينا أن الابتلاء معناه الاختبار فيما مضى. وقوله: " حتى إذا بلغوا النكاح " معناه: حتى يبلغوا الحد الذي يقدرون على مجامعة النساء وينزل، وليس المراد الاحتلام، لان في الناس من