لأنه خلاف الآية، فكذلك لا يجوز أن يقال: لا يورث، لأنه خلافها، والخبر الذي يروون أنه قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة، خبر واحد، وقد بينا ما فيه، في غير موضع، وتأولناه، بعد تسليمه.
قوله تعالى:
(وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) (8) - آية بلا خلاف -.
المعنى:
هذه الآية عندنا محكمة، وليست منسوخة، وهو قول ابن عباس، وسعيد ابن جبير، والحسن، وإبراهيم، ومجاهد، والشعبي، والزهري، ويحيى بن يعمر، والسدي، والبلخي، والجبائي، والزجاج، وأكثر المفسرين والفقهاء. وقال سعيد ابن المسيب، وأبو مالك، والضحاك، هي منسوخة، وإرزاق من حضر قسمة الميراث من هذه الأصناف، ليس بواجب، بل هو مندوب إليه، وهو الذي اختاره الجبائي، والبلخي، والرماني، وجعفر بن مبشر، وأكثر الفقهاء والمفسرين. وقال مجاهد: هو واجب، وحق لازم ما طابت به أنفس الورثة. وكل من ذهب إلى أنها منسوخة قال: إن الرزق ليس بواجب، وكذلك من قال إنها في الوصية.
واختلفوا فيمن المخاطب بقوله: " فارزقوهم " فقال أكثر المفسرين: إن المخاطب بذلك الورثة، أمروا بأن يرزقوا المذكورين، إذا كانوا لا سهم لهم في الميراث، وقال آخرون إنها تتوجه إلى من حضرته الوفاة، وأراد الوصية، فإنه ينبغي له أن يوصي لمن لا يرثه من هؤلاء المذكورين، بشئ من ماله. وروي هذا القول الأخير عن ابن عباس، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وسعيد ابن المسيب، واختار الطبري هذا الوجه، والوجه الأول روي عن ابن عباس، وعبد الله بن الزبير، وأبي موسى الأشعري، وابن سيرين، والحسن، وسعيد بن جبير. قال سعيد بن جبير: إن كان الميت أوصى لهم بشئ أنفذت وصيته، وإن