ما قال (إن في ذلك لآيات لأولي الألباب) ووجه الدلالة من اختلاف الليل والنهار هو أن جميع الخلق لو اجتمعوا على أن يأتوا بالليل بدلا من النهار، أو النهار بدلا من الليل أو ينقصوا، أو يزيدوا من أحدهما في الآخر لما قدروا عليه، كما قال:
(قل أرأيتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم ان جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون. ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) الآية (1) وقوله: ((لأولي الألباب ) معناه لذوي (2) العقول. واللب: العقل سمي به لأنه خير ما في الانسان واللب من كل شئ خيره، وخالصه. فان قيل: فما وجه الاحتجاج بخلق السماوات [والأرض] (3) على الله ولم يثبت بعد انها مخلوقة قيل عند ثلاثة أجوبة:
أولها - على تقدير اثبات كونها مخلوقة قبل الاستدلال به لان الحجة به قامت عليه من حيث أنها لم تنفك من المعاني المحدثة.
الثاني - أن الغرض ذكر ما يوجب صحة الذي تقدم ثم يترقى من ذلك إلى تصحيح ما يقتضيه على مراتبه، كالسؤال عن الدلالة على النبوة فيقع الجواب بذكر المعجزة دون ما قبلها من الرتبة.
الثالث - أن تعاقب الضياء والظلام يدل على حدوث الأجسام.
قوله تعالى: (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) (191) - آية بلا خلاف -