قوله تعالى:
أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم (77) آية الألف في قوله " أفلا " الف إنكار وأصلها الاستفهام، لأنه لا يصح للسؤال جواب عن مثل هذا فيكون حينئذ تقريعا لهم وإنكارا عليهم ترك التوبة وإنما دخلت " إلى " في قوله: " يتوبون إلى الله " لان معنى التوبة الرجوع إلى طاعة الله، لان التائب بمنزلة من ذهب عنها ثم عاد إليها، وقد بينا فيما مضى أن التوبة طاعة يستحق بها الثواب، فأما إسقاط العقاب عندها فهو تفضل من الله غير واجب.
والفرق بين التوبة والاستغفار أن الاستغفار طلب المغفرة بالدعاء أو التوبة أو غيرهما من الطاعة. والتوبة الندم على القبيح مع العزم على أن لا يعود إلى مثله في القبيح أو الاخلال بالواجب والاستغفار مع الاصرار على القبيح لا يصح ولا يجوز. وفي الآية تحضيض على التوبة والاقلاع من كل قبيح والانكار لتركها، وحث على الاستغفار " والله غفور رحيم " إخبار منه تعالى أنه يستر الذنوب ويغفرها رحمة منه لعباده.
قوله تعالى:
ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام أنظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون (78 آية بلا خلاف أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه ليس المسيح بن مريم إلا رسول أرسله الله " قد خلت من قبله الرسل " أي انه رسول ليس بإله كما أن الأنبياء قبله