واستكبروا عن التذلل له، وتسليم ربوبيته يعذبهم عذابا أليما أي مؤلما موجعا، ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا. وإنما رفع ولا يجدون بالعطف على ما بعد فيعذبهم ولو جزم على موضع ما بعد الفاء، كان جائزا يعني ولا يجد المستنكفون والمستكبرون لأنفسهم وليا ينجيهم من عذابه، وناصرا ينقذهم من عقابه.
قوله تعالى:
(يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا) (173) آية بلا خلاف -.
هذا خطاب من الله (تعالى) لجميع الخلق من الناس المكلفين من سائر أصناف الملل الذين قص قصصهم في هذه السورة من اليهود والنصارى والمشركين " قد جاءكم " يعني أتاكم حجة من الله تبرهن لكم عن صحة ما أمركم به، وهو محمد (صلى الله عليه وآله ) جعله الله حجة عليكم، وقطع به عذركم، " وأنزلنا إليكم نورا مبينا " يعني وأنزلنا إليكم معه نورا مبينا يعني بين لكم المحجة الواضحة، والسبل الهادية إلى ما فيه لكم النجاة من عذاب الله واليم عقابه، وذلك النور هو القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله وهو قول مجاهد، وقتادة والسدي وابن جريج، وجميع المفسرين. وإنما سماه نورا لنا فيه من الدلالة على ما امر الله به ونهى عنه والاهتداء به تشبها بالنور الذي يهتدي به في الظلمات وفي الآية دلالة على أن كلام الله محدث، لأنه وصفه بالانزال فلو كان قديما، لما جاز ذلك عليه.
قوله تعالى:
(فاما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما) (174) آية.