ومن ضم الياء وفتح الخاء، فلانه قال: " ولا يظلمون " فضم الياء، ليزدوج الكلام، ولأنهم لا يدخلونها حتى يدخلوها. ومن فتح الياء، فلأنهم إذا ادخلوا الجنة، فقد دخلوها. فان قيل ظاهر الآية يقتضي انه لا يثيب الا من آمن وعمل الصالحات فمن انفرد بالايمان، لا يستحق الثواب، وكذلك من فعل بعض الصالحات قلنا: ظاهر العموم مخصوص بلا خلاف لأنه لو آمن بالله واليوم الآخر واخترم عقيبه، لا خلاف انه يدخل الجنة، فكذلك إذا أخل ببعض الصالحات أو ارتكب معصية، فانا نعلم دخوله الجنة بدليل آخر على أن (من) في قوله: " من الصالحات " يقتضي انه لو فعل بعض الصالحات لادخل الجنة، لأنها للتبعيض. وإنما تقتضي الاستغراق إذا حملت على أن معناها بيان الصفة، فإذا احتمل الظاهر ما قلناه، سقطت المعارضة فاما من قال: ان (من) زائدة فلا يعول على قوله، لأنه إذا أمكن حمل الكلام على فائدة، لم يجز أن يحمل على الزيادة. وبما قلناه في معنى النقير، قال مجاهد وعطية والسدي وغيرهم.
قوله تعالى:
(ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا) (125) آية:
قضى الله تعالى في هذه الآية للاسلام بالفضل على سائر الملل بقوله: ومن أحسن دينا أيها الناس وهو في صورة الاستفهام. والمراد به التقرير. والمعنى من أحسن دينا وأصوب طريقا، واهدى سبيلا ممن أسلم وجهه الله يعني استسلم وجهه لله. والوجه يراد به هاهنا نفسه وذاته كما قال: " كل شئ هالك الا وجهه " (1) فانقاد له بالطاعة ولنبيه صلى الله عليه وآله بالتصديق " وهو محسن " بمعنى وهو فاعل للفعل الحسن مما امره الله به " واتبع ملة إبراهيم حنيفا " يعني واتبع الذي كان عليه (إبراهيم)،