والثاني - أن تكون مؤكدة لما بعدها، كما تؤكد (ان) ما بعدها، وتكون الثانية جوابا لقسم محذوف، والنون مع لام القسم في فعل المضارع لابد منها، لان القسم أحق بالتأكيد من كلما تدخله النون من جهة أن ذكر القسم دليل أنه من مواضع التأكيد فإذا جازت في غيره من الامر، والنهي، والاستفهام، والعرض، والجزاء مع ما إذ كان ذكر القسم قد أنبأ أنه من مواضع التأكيد، لزمت فيه، لأنه أحق بها من غيره (1). والفرق بين لام القسم ولام الابتداء: أن لام الابتداء تصرف الاسم إليه، فلا يعمل فيه ما قبلها نحو (قد علمت لزيد خير منك) (وقد علمت بأن زيدا ليقدم). وليس كذلك لام القسم، لأنها لا تدخل على الاسم، ولا تكسر لها لام (إن) نحو قد علمت أن زيدا ليقومن، ويلزمها النون في المستقبل. والفرق بين (أو) و (أم) أن (أم) استفهام، وفيها معادلة الألف نحو (أزيد في الدار أم عمرو) وليس ذلك في (أو) ولهذا اختلف الجواب فيهما، فكل في (أم) بالتعيين وفي (أو) ب (نعم) أو (لا) ومعنى الآية الحث على الجهاد وترك التقاعد. ويقال أن الله يحشر العباد ليجزي كل واحد على ما يستحقه: المحسن على احسانه والمسئ على إساءته سواء قتل أو مات كيف تصرفت به الحال.
قوله تعالى:
(فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) (159) آية.