إلى من يتعدى جميع حدود الله، ومن كان كذلك فعندنا يكون كافرا، وأيضا فلا خلاف أن الآية مخصوصة بصاحب الصغيرة، وإن كان فعل المعصية، وتعدى حدا فإنه خارج منها، فان جاز لهم إخراج الصغيرة منها لدليل، جاز لنا أن.
نخرج من يتفضل الله عليه بالعفو، أو يشفع فيه النبي صلى الله عليه وآله. وأيضا فان التائب لابد من إخراجه من هذه الآية لقيام الدلالة على وجوب قبول التوبة، فكذلك يجب أن يشترط من يتفضل الله باسقاط عقابه، فان قالوا: قبول التوبة واجب، والعفو ليس بواجب، قلنا: قبول التوبة واجب إذا حصلت، وكذلك سقوط العقاب واجب إذا حصل العفو، فان قالوا: يجوز أن لا يختار الله العفو، قلنا:
وكذلك يجوز ألا يختار العاصي التوبة، فان جعلوا الآية دالة على أن الله لا يختار العفو، جاز لغيرهم أن يجعل الآية دالة على أن العاصي لا يختار التوبة، على أن هذه الآية معارضة بآيات كثيرة، في وقوع العفو، كقوله: " ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " (1) على ما سنبينه فيما بعد. وقوله: " إن الله يغفر الذنوب جميعا " (2) وقوله: " وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم " (3) فان شرطوا في آياتنا التوبة، شرطنا في آياتهم ارتفاع العفو، والكلام في ذلك مستقصى في الوعيد، لا نطول بذكره هذا الكتاب. ويمكن - مع تسليم ذلك - أن تحمل الآية على من يتعدى الحدود مستحلا لها، فإنه يكون كافرا، ويتناوله الوعيد، على أن عند كثير من المرجئة العموم لا صيغة له، فمن أين ان " من " يفيد جميع العصاة؟
وما المنكر أن تكون الآية مختصة بالكفار.
قوله تعالى:
(واللائي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت