قوله تعالى:
وإذا جاؤكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون (64) آية بلا خلاف أخبر الله تعالى عن هؤلاء المنافقين بأنهم إذا جاؤوا المؤمنين (قالوا آمنا) أي صدقنا (وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به) قيل فيه قولان:
أحدهما - قال الحسن وابن عباس والسدي وقتادة وأبو علي: وقد دخلوا بالكفر بخلاف ما أظهروه على النبي صلى الله عليه وآله وخرجوا به من عنده.
الثاني - وقد دخلوا به في أحوالهم وقد خرجوا به إلى أحوال أخر كقولك هو يتقلب في الكفر ويتصرف به، ومعناه تقريب الماضي من الحال ولهذا دخلت (في) هذا الموضوع. وقال الخليل: ويكون لقوم ينتظرون الخبر كقولك قد ركب الأمير لمن كان ينتظره، وهو راجع إلى ذلك الأصل لأنه تقريب من الحال المنتظرة وأصل الدخول الانتقال إلى محيط كالوعاء إلا أنه قد كثر حتى قيل دخل في هذا الامر، ولا يدخل في المعنى ما ليس منه. ودخل في الاسلام. وخرج بالردة منه. وكان ذلك مجاز. وقوله:
(جاؤكم) لا يجوز أن يكون عاملا في " إذا " كما يعمل في " متى " لو.
قيل: متى جاؤكم، قالوا آمنا، لان " إذا " مضافة إلى ما بعدها والمضاف إليه لا يعمل في المضاف لأنه من تمامه. وليس كذلك " متى " لأنها جزاء.
وقوله " والله أعلم بما كانوا يكتمون " معناه ما يكتمونه من نفاقهم إذ أظهروا بألسنتهم ما أضمروا خلافه في قلوبهم فبين الله للناس أمرهم.