الخزي، ولا ينافي ذلك ما نذهب إليه من جواز العفو عن المذنبين، لأنه تعالى إذا عفا عن العاصي لا يكون أخزاه وان أدخله النار ثم أخرجه منها بعد استيفاء العقاب، فعلى قول من قال: الخزي يكون بالدوام لا يكون أخزاه، ومن قال يكون بنفس الدخول، له أن يقول: إن ذلك وإن كان خزيا، فليس مثل خزي الكفار، وما يفعل بهم من دوام العقاب، وعلى هذا يحمل قوله تعالى: (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه) (1) وقوله: (وما للظالمين من أنصار) معناه ليس للظالمين من يدفع عنهم على وجه المغالبة والقهر، لان الناصر هو الذي يدفع عن المنصور على وجه المغالبة ولا ينافي ذلك الشفاعة في أهل الكبائر لان الشفاعة هي مسألة وخضوع وضرع إلى الله تعالى، وليست من النصرة في شئ وقوله صلى الله عليه وآله (يخرجون من النار بعد ما يصيرون حمما وفحما) صريح بوقوع العفو عن مرتكبي الكبائر وتأول الرماني الخبر تأويلين:
أحدهما - أنه لولا الشفاعة، لواقعوا كبيرة يستوجبون بها الدخول فيها، فيخرجون بالشفاعة على هذا الوجه، كما يقال أخرجتني من السلعة إذا كان لولا مشورته، لدخل فيها بابتياعه إياها.
الثاني - لولا الشفاعة، لدخلوها بما معهم من الصغيرة ثم أخرجوا عنها إلى الجنة. والأول فاسد، لأنه مجاز. والثاني - ليس بمذهب لاحد من القائلين بالوعيد لان الصغيرة تقع مكفرة لا عقاب عليها فكيف يدخل بها النار.
قوله تعالى: (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار) (193) - آية بلا خلاف -.