الله يومئذ " اليوم أكملت لكم دينكم ".
وقوله: " وأتممت عليكم نعمتي " خاطب الله (تعالى) جميع المؤمنين بأنه أتم نعمته عليهم باظهارهم على عدوهم المشركين، ونفيهم إياهم عن بلادهم، وقطعه طمعهم من رجوع المؤمنين، وعودهم إلى ملة الكفر، وانفراد المؤمنين بالحج البلد الحرام.
و: قال ابن عباس وقتادة والشعبي.
وقوله: " ورضيت لكم الاسلام دينا " معناه رضيت لكم الاستسلام لامري والانقياد لطاعتي على ما شرعت لكم من حدوده، وفرائضه ومعالمه دينا يعني بذلك طاعة منكم لي. فان قيل: أوما كان الله راضيا الاسلام دينا لعباده الا يوم أنزلت هذه الآية؟ قيل: لم يزل الله راضيا لخلقه الاسلام دينا، لكنه لم يزل يصف نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وأصحابه في درجات الاسلام، ومراتبه درجة بعد درجة، ومرتبة بعد مرتبة، وحالا بعد حال حتى أكمل لهم شرائعه وبلغ بهم أقصى درجاته، ومراتبه، ثم قال: حين أنزلت هذه الآية " ورضيت لكم الاسلام دينا " فالصفة التي لها اليوم والحال التي أنتم عليها، فالزموه، ولا تفارقوه. قال ابن عباس وعمر وعامر الشعبي وقتادة، كان ذلك يوم الجمعة. وقال الطاووس بن شهاب، وشهر ابن خوشب، وأكثر المفسرين نزلت هذه الآية يوم عرفة حجة الوداع. وروى حنش عن ابن عباس، قال: ولد النبي صلى الله عليه وآله يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وأنزلت المائدة يوم الاثنين، وأنزلت " اليوم أكملت لكم دينكم يوم الاثنين " ورفع الذكر يوم الاثنين. وقال الربيع بن أنس: نزلت في المسير من حجة الوداع. وقوله: " فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم " معناه من دعته الضرورة في مجاعة لان المخمصة شدة ضمور البطن.
لاثم أي غير مائل إلى إثم.
والمخمصة مفعلة، مثل المجنبة والمنجلة من خمص البطن وهو طيه، واضطماره من الجوع، وشدة السغب هاهنا دون أن يكون مخلوقا كذلك. قال النابغة الدنباني