قولهم حجة من حيث كانوا معصومين حافظين للشرع جروا مجرى الرسول في هذا الباب. وقوله: (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) أي تصدقون بهما. (ذلك خير وأحسن تأويلا) ذلك إشارة إلى الرد إلى الله وإلى الرسول (وأحسن تأويلا) قال قتادة، والسدي، وابن زيد: أحمد عاقبة. وقال مجاهد: معناه أحسن جزاء.
وهو من آل يؤول إذا رجع والمال المرجع والعاقبة مآل، لأنها بمنزلة ما تفرقت عنه الأشياء ثم رجعت إليه. وتقول: إلى هذا يؤول الامر أي يرجع. وقال الزجاج:
أحسن من تأويلكم أنتم إياه من غير رد إلى أصل من كتاب الله وسنة نبيه، وهذا هو الأقوى، لان الرد إلى الله والرسول والأئمة المعصومين أحسن من تأويل بغير حجة.
واستدل جماعة بهذه الآية على أن الاجماع حجة بأن قالوا: إنما أوجب الله الرد إلى الكتاب والسنة بشرط وجود التنازع، فدل على أنه إذا لم يوجد التنازع، لا يجب الرد، ولا يكون كذلك إلا وهو حجة، وهذا إن استدل به مع فرض أن في الأمة معصوما حافظا للشرع كان صحيحا، وإن فرضوا مع عدم المعصوم كان باطلا، لان ذلك استدلال بدليل خطاب، لا تعليق الحكم بشرط أو صفة لا يدل على أن ما عداء بخلافه عند أكثر المحصلين، فكيف يعتمد عليه ههنا، على أنهم لا يجمعون على شئ إلا عن كتاب أو سنة، فكيف يقال: إذا أجمعوا لا يجب عليهم الرد إلى الكتاب والسنة، وهم قد ردوا إليها على أن ذلك يلزم في كل جماعة، وإن لم يكونوا جميع الأمة إذا اتفقوا على شئ ألا يجب عليهم الرد إلى الكتاب والسنة، لان قوله: (فان تنازعتم) يتناول جماعة ولا يستغرق جميع الأمة، فعلم بذلك فساد الاستدلال بما قالوه. وقد بينا الكلام على ذلك مستوفى في العدة في أصول الفقه.
قوله تعالى:
(ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما