ذلك جل بالله تعالى. وإن قالوه على وجه الخلاف فهو فسق.
فان قيل: هل يجوز وصفه تعالى بالقتال كما قال " قاتلهم الله أنى يؤفكون) (1)؟
قلنا: هذا مجاز، والمعنى إن عداوته لهم عداوة المقاتل، وانه يحل بهم ما يحله بالمقاتل المستعلي بالاقتدار وعظم السلطان، وليس كذلك قول هؤلاء الجهال.
قوله تعالى:
قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين (28) آية بلا خلاف.
في هذه الآية إخبار من الله تعالى عما قاله موسى (ع) عقيب ما كان من قومه من الخلاف وقلة القبول على نبيهم، وخرج ذلك مخرج الغضب منه على قومه لما كان من عصيانهم إياه. ومثل ذلك لا يخرج إلا على غضب.
وقوله " لا أملك إلا نفسي وأخي " مجاز، لان الانسان لا يصح أن يملك نفسه، لان الأصل في الملك القدرة، والمالك هو القادر، ومحال أن يقدر الانسان على نفسه، ثم من حق المملوك أن يكون مقدورا عليه أو في حكم المقدور عليه في أن له أن يصرفه تصريف المقدور عليه كملك الانسان للمال والعبد ونحوه، فلا يجوز على هذا أن يملك نفسه. ومعنى الآية أنه لما ملك تصريف نفسه في طاعة الله جاز أن يصف نفسه بأنه يملكها، لأنه مما يجوز أن يملكه. وقوله: " وأخي " لأنه كان أيضا طائعا له فيما يأمره به، فكان كالقادر عليه. ويحتمل موضعه أربعة أوجه: