لو قدم، لأنه إذا استحق مثلا مائة جزء عاجلا، فإذا أخر استحق مائة وعشرة أو مائة وجزء، وقيل في وجه حسن تأخيره أنه لو كان عقيب الطاعة لأدى إلى أن يكون المكلف ملجأ إلى فعل الطاعة، لان المنافع الكثيرة تلجئ إلى الفعل كما أن دفع المضار العظيمة تلجئ إلى مثله، وذلك ينافي التكليف، وقوله: " والله يحب المحسنين " أي يريد ثوابهم وتعظيمهم وتبجيلهم والفرق بين الاحسان والانعام أن الاحسان قد يكون إنعاما بأن يكون نفعا للمنتفعين به، وقد يكون احسانا بأن يكون فعلا حسا، ومن القسم الأخير يقال هو تعالى محسن بفعل العقاب، ولا يقال محسن من القسم الأول، ويقال هو محسن بفعل الثواب على الوجهين معا (1).
قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (149) بل الله مولاكم وهو خير الناصرين) (150) آيتان بلا خلاف.
المعنى:
هذا خطاب للمؤمنين حذرهم الله من أن يطيعوا الكفار، وبين أنهم إن أطاعوهم ردوهم كافرين. والمعني ب " الذين كفروا " قيل فيهم قولان:
أحدهما - قال الحسن، وابن جريج إنهم اليهود، والنصارى أي إن تستنصحوهم وتقبلوا رأيهم يردوكم خاسرين، وقال السدي: أراد إن تطيعوا أبا سفيان وأصحابه يرجعوكم كافرين. والطاعة موافقة الإرادة المرغبة في الفعل، وبالترغيب ينفصل من الإجابة، وإن كان موافقة الإرادة حاصلة، وفي الناس من قال: الطاعة في موافقة الامر، والأول أصح، لان من فعل ما يقتضي العقل وجوبه أو حسنه يقال: إنه