من معنى اللطف حتى يصيروا بمنزلة من لا لطف له على وجه. ومثله " اهدنا الصراط المستقيم " أي ثبتنا بلطفك على الصراط المستقيم. وقال أبو علي: معناه الاخذ بهم على طريق الجنة في الآخرة. قال: ولا يجوز أن يكون المراد بالهداية ههنا الارشاد إلى الدين لأنه تعالى وعد بهذا من يكون مؤمنا مطيعا. ولا يكون كذلك إلا وقد اهتدى، فان قيل: لم جاز أن يمنعوا اللطف لسوء فعلهم. ولم يجز أن يمنعوا لسوء فعل غيرهم إذ قد صاروا بمنزلة من لا لطف لهم؟ قلنا: لأنهم يؤتون في معاصيهم من قبل أنفسهم ولا يجوز أن يؤتوا فيها من قبل غيرهم ولو جاز ذلك لجاز أن يقتطعوا عن التوبة بالقتل فيكونوا قد أوتوا في معاصيهم من قبل المتقطع لهم وتكون التخلية فيه بمنزلة الإماتة. والواجب في هذا ان يمنع غير هذا المكلف من سوء الفعل الذي فيه ارتفاع اللطف. فإن كان لطف هذا المكلف متعلقا بفعل غيره، وقد علم أنه لا يفعله، لم يحسن تكليف هذا المكلف لأنه ان منع هذا من الايمان، فسد، وان ترك وسوء الفعل فسد. واللام في قوله: " ولهديناهم صراطا مستقيما " لام الجواب التي تقع في جواب (لو) كما تقع في جواب القسم. كما قال امرؤ القيس:
حلفت لها بالله حلفة فاجر * لناموا فما ان من حديث ولاصال (1) والفرق بين لام الجواب ولام الابتداء ان لام الابتداء لا تدخل إلا على الاسم المبتدأ إلا في باب (ان) خاصة فإنها تدخل على الفعل لمضارعته الاسم. يبين ذلك قولك:
قد علمت أن زيدا ليقوم. وقد علمت أن زيدا ليقومن فتكسر (ان) الأولى وتفتح الثانية.
وقوله: (صراطا) نصب على أنه مفعول ثان، لأنه في معنى مفعول كسوته ثوبا، أي فاكتسى ثوبا. فكذلك ولهديناهم فاهتدوا صراطا.
قوله تعالى:
(ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله