ونعمته أعظم النعم، ويستحق عليها أعظم الشكر، فيجب أن يكون كفرها وجحدها أعظم الاجرام والمكذب بآيات الله، وان يعلمها آيات، فهو كافر إذا كان له سبيل إلى معرفتها. ومعنى أصحاب الجحيم أنهم يخلدون في النار، لان المصاحبة تقتضي الملازمة كما يقال أصحاب الصحراء بمعنى الملازمين لها.
قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) (11) - آية بلا خلاف -.
هذا خطاب للمؤمنين ذكرهم الله نعمته عليهم حين هم قوم أن يبسطوا إليهم أيديهم. واختلفوا في الباسطين أيديهم على خمسة أقوال:
فقال مجاهد وقتادة وأبو مالك: هم اليهود هموا بأن يقتلوا النبي صلى الله عليه وآله لما مضى إلى بني قريظة يستعين بهم على دية مقتولين من بني كلاب بعد بئر معونة كانا وفدا على النبي (صلى الله عليه وآله) فلقيهما عمرو بن أمية الضمري فقال: أمسلمين؟
فقالا: بل رافدين، فقتلهما، فقال له النبي صلى الله عليه وآله قتلت قتيلين قبل أن يبلغا الماء والله لأدينهما. ومضى إلى يهود بني قريظة يستعين بهم.
وقيل: كان يستقرض لأجل الدية لأنه كل يحملها، فهمت بنو قريظة بالفتك به وبقتله، فأعلم الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله ذلك فانصرف عنهم.
وقال الحسن: إنما بعثت قريش رجلا ليفتك بالنبي (صلى الله عليه وآله) فاطلع الله نبيه على امره ومنعه الله منه، لأنه دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسيفه مسلول فقال له: أرنيه فأعطاه إياه، فلما حصل في يده قال: ما الذي يمنعني من قتلك؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) الله يمنعك فرمى بالسيف وأسلم. واسم الرجل عمرو بن وهب الجمحي بعثه صفوان بن أمية ليغتاله (صلى الله عليه وآله) بعد بدر،