قوله تعالى:
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين (30) آية بلا خلاف وجه اتصال هذه الآية بما قبلها أن الله تعالى أراد أن يبين أن حال اليهود في الظلم ونقض العهد وارتكاب الفواحش من الأمور كحال ابن آدم قابيل في قتله أخاه هابيل، وما عاد عليه من الوبال بتعديه. فأمر نبيه أن يتلو عليهم اخبارهما وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وآله لما ناله من جهلهم بالتكذيب في جحوده وتبكيت اليهود.
وقوله: " إذ قربا قربانا " متعلق بنبأ، وتقديره: اقرأ عليهم خبر ابني آدم وما جرى منهما إذ قربا قربانا. والقربان يقصد به القرب من رحمة الله من أعمال البر وهو على وزن فعلان من القرب، كالفرقان من الفرق، والعدوان من العدو، والشكران من الشكر، والكفران من الكفر.
قال ابن عباس وعبد الله بن عمر، ومجاهد، وقتادة، وأكثر المفسرين:
إن المتقربين كانا ولدي آدم لصلبه: قابيل، وهابيل. وقال الحسن، وأبو مسلم محمد بن بحر، والزجاج: هما من بني إسرائيل، لان علامة تقبل القربان لم تكن قبل ذلك. وكان سبب قبول قربان أحدهما. ورد الآخر أحد أمرين:
أحدهما - أنه رد قربان أحدهما لأنه كان فاجرا فاسقا. وقبل قربان هابيل لأنه كان متقيا مطيعا، ولذلك قال الله (إنما يتقبل الله من المتقين).
الثاني - انه قرب بشر ماله وأخسه. وقرب الآخر بخير ماله، وأشرفه.