السماء من جبال فيها من برد أي من السماء من برد يجعل الجبال من برد في السماء ويجعل الانزال منها وانكر قوم ذلك وقالوا (من) للتبعيض ويقوي قولهم: قد كان من مطر وكان من حديث. يقول هل كان من مطر، وهل كان من حديث عندكم ونكفر عنكم من سيئاتكم ما يشاؤه ويريده. وقوله: " وينزل من السماء من جبال فيها من برد " يجيز حذف (من) برد ولا يجيز حذفها من الجبال. ويقول:
المعنى وينزل من السماء من أمثال جبال بردا، ثم أدخلت في من البرد مفسر عنده عن أمثال الجبال. وقد أقيمت الجبال مقام الأمثال. والجبال هي جبال فلا يجيز حذف (من) من الجبال، لأنها دالة على أن في السماء الذي أنزل منه البرد أمثال جبال برد، لا جبال برد. وأجاز حذف (من) من برد، لان البرد مفسر من الأمثال، كما يقال: عندي رطلان زيتا، ومن زيت. وليس عندك الرطلان وإنما عندك المقدار، فمن تدخل في المفسر وتخرج منه، وكذلك عند هذا القائل من السماء من أمثال جبال، وليس بجبال. وقال: فإن كان أنزل من جبال في السماء من برد جبالا ، ثم حذف الجبال الثانية فالجبال الأولى في السماء جاز كما يقال: أكلت من الطعام يريدا كلت من الطعام طعاما، ثم يحذف الطعام، ولا يحذف (من). والأقوى أن تكون من في الآية للتبعيض، لان ما يمسكه الكلب من الصيد، لا يجوز أكل جميعه لان في جملته ما هو حرام من الدم، والفرث والغدد، وغير ذلك مما لا يجوز أكله، فإذا قال: فكلوا مما أمسكن عليكم، أفاد ذلك بعض ما أمسكن، وهو الذي أباح الله أكله من اللحم، وغيره. وقوله: " ونكفر عنكم من سيئاتكم " قد بينا الوجه فيه وسنبين الوجه في قوله: " من السماء جبال فيها من برد " إذا انتهينا إليه إن شاء الله.
وقوله: " واذكروا اسم الله عليه " صريح في وجوب التسمية عند الارسال.
وهو قول ابن عباس والسدي وغيرهما. وقوله: " واتقوا الله " معناه واجتنبوا ما نهاكم عنه، فلا تقربوه، واحذروا معاصيه في ارتكاب ما نهاكم عنه في أن تأكلوا من صيد الكلب غير المعلم، أو مما لم يمسكه عليكم، أو تأكلوا مما لم يسم