فأنزل الله " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين " وبه قال عكرمة ومحمد بن كعب القرطي واختلفوا في الجوارح التي ذكر إلي الآية: بقوله: " وما علمتم من الجوارح مكلبين " فقال قوم: هو كل ما علم فصيد فيتعلمه بهيمة كانت أو طائرا. ذهب اليه الحسن، ومجاهد وحثيمة بن عبد الرحمن. ورووه عن ابن عباس، وطاووس وعلي بن الحسين وأبي جعفر (ع) وقالوا: الفهد والبازي من الجوارح. وقال قوم: عنى بذلك الكلاب خاصة دون غيرها من السباع. ذهب إليه الضحاك والسدي وابن عمر وابن جريج. وهو الذي رواه أصحابنا عن أبي عبد الله (عليهما السلام) فاما ما عدا الكلاب، فما أدرك ذكاته، فهو مباح، وإلا فلا يحل أكله. ويقوي قولنا قوله تعالى: " مكلبين " وذلك مشتق من الكلب ومن صاد بالباز والصقر لا يكون مكلبا.
وقوله: " مكلبين " نصب على الحال وتقديره وأحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح مكلبين أي في هذه الحال. يقال: رجل مكلب وكلاب إذا كان صاحب صيد بالكلاب. وفي ذلك دليل على أن صيد الكلب الذي لم يعلم، حرام إذا [لم] (1) تدرك ذكاته.
وقوله: " تعلمونهن مما علمكم الله " معناه تؤدبون الجوارح، فتعلمونهن طلب الصيد لكم بما علمكم الله من التأديب الذي أدبكم به. وقال بعضهم: معناه كما علمكم الله. ذهب إليه السدي. وهذا ضعيف لان من المعنى الكاف لا يعرب في اللغة، ولا بينهما تقارب، لان الكاف للتشبيه ومن للتبعيض واختلفوا في صفة التعليم للكلب فقال بعضهم: هوان يستشلى لطلب الصيد إذا أرسله صاحبه، ويمسك عليه إذا أخذه، فلا يأكل منه ويستجيب له إذا دعاه. فإذا توالي منه ذلك كان معلما.
ذهب إليه ابن عباس وعط وابن عمرو الشعبي وطاووس وإبراهيم والسدي. قال عطا: إذا أكل منه فهو ميتة. وقال ابن عباس: إذا اكل الكلب من الصيد، فلا تأكل منه فإنما امسك على نفسه. وهو الذي دلت عليه أخبارنا. غير أنهم اعتبروا أن يكون