يدل دلالة الإشارة إلى ما تقدر علمه عند المخاطب.
وقوله: (ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) يدل على بطلان قول المجبرة: إن الله تعالى يفعل المعاصي ويريدها، لان الله تعالى نسب إضلالهم إلى أنه بإرادة الشيطان على وجه الذم لهم، فلو أراد تعالى أن يضلهم بخلق الضلال فيهم، لكان ذلك أوكد وجوه الذم في إضلالهم.
وأصل الضلال الهلاك بالعدول عن الطريق المؤدي إلى البغية، لأنه ضد الهدى الذي هو الدلالة على الطريق المؤدي إلى البغية، وله تصرف كثير يرجع إلى هذه النكتة ذكرناه فيما مضى. وأضله الله معناه: سماه الله ضالا أو حكم عليه به، كما يقال أكفره بمعنى سماه بالكفر، ولا يجوز أن يقال أكفره الله بمعنى أنه دعاه إلى الكفر، لأنه منزه عن ذلك، فتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
قوله تعالى:
(وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) (61) - آية -.
قال ابن جريج: الداعي إلى حكم الرسول هو المسلم الذي يدعو المنافق إلى حكم الرسول صلى الله عليه وآله وقال قتادة: هو يهودي دعا المنافق إلى حكم الرسول، لعلمه أنه لا يجوز في الحكم " وتعالوا " أصله من العلو وهو تفاعلوا، منه كقولك: توافقوا، فإذا قلت لغيرك:
تعال، فمعناه ارتفع علي - وإن كان في انخفاض من الأرض - لأنه جعله كالرفيع بكونه فيه، ويجوز أن يكون أصله للمكان العالي حتى صار لكل مكان. وقوله:
(يصدون عنك صدودا) قيل في سبب صد المنافقين عن النبي صلى الله عليه وآله قولان:
أحدهما - لعلهم بأنه لا يأخذ الرشا على الحكم وأنه يحكم بمر الحق.
والثاني - لعداوتهم للدين.
وصددت الأصل فيه ألا يتعدى، لأنك تقول: صددت عن فلان أصد