والثاني - أن يكون عنى بقوله: " بعضكم من بعض " أن ذكور المؤمنين وإناثهم مستوون في أن لا يضيع الله لاحد منهم عملا، وان يجازيهم على طاعاتهم، فإناث المؤمنين بعض المؤمنين، وكذلك ذكورهم، فبعضهم كبعض في هذا الباب.
وقال الطبري " بعضكم " يعني الذين يذكرونني " قياما وقعودا وعلى جنوبهم " من بعض في النصرة، والملة، والدين، وحكم جميعكم فيما أفعل بكم حكم أحدكم في " أني لا أضيع عمل عامل " ذكر منكم ولا أنثى. والإضاعة: الاهلاك. ضاع الشئ يضيع: إذا هلك. وأضاعه إضاعة وضيعه تضييعا، ومنه الضيعة: القرية.
وقوله: (فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم) يعني الذين هاجروا عن قومهم من أهل الكفر في الله إلى اخوانهم المؤمنين " وأخرجوا من ديارهم " هم المهاجرون الذين أخرجهم المشركون من مكة " وأوذوا في سبيلي " بمعنى أوذوا في طاعتي وعبادتي، وديني. وذلك هو سبيل الله " وقاتلوا " يعني في سبيل الله " وقتلوا " فيها " لأكفرن عنهم سيئاتهم " يعني لأمحونها عنهم، ولأتفضلن عليهم بعفوي ورحمتي، ولأغفرنها لهم. وذلك يدل على أن إسقاط العقاب تفضل على كل حال.
" ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا " يعني جزاء لهم على أعمالهم " والله عنده حسن الثواب " معناه أن عنده من حسن الجزاء على الاعمال ما لا يبلغه وصف واصف مما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر.
قوله تعالى: (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد (196) متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد) (197) - آيتان بلا خلاف.
المعنى:
هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وآله. وقيل في معناه قولان:
أحدهما - ان ذلك على وجه التأديب والتحذير، لان النبي لا تجوز عليه