وقال آخر:
سبحانه ثم سبحانا يعود له * وقبلنا سبح الجودي والجمد (1) وقوله: (فقنا عذاب النار) أي فقد صدقنا رسلك بأن لك جنة ونارا فقنا عذاب النار. ووجه اتصال قوله (فقنا عذاب النار) بما قبله قيل فيه قولان:
أحدهما - كأنه قال: (ما خلقت هذا باطلا) بل تعريضا للثواب بدلا من العقاب (فقنا عذاب النار) بلطفك الذي نتمسك معه بطاعتك.
الثاني - اتصال الدعاء الذي هو طاعة لله بالاعتراف الذي هو طاعة له.
وفي الآية دلالة على أن الكفر والضلال وجميع القبائح ليست خلقا لله، لأن هذه الأشياء كلها باطلة بلا خلاف. وقد نفى الله تعالى بحكايته عن أولي الألباب الذين رضي أقوالهم بأنه لا باطل فيما خلقه، فيجب بذلك القطع على أن القبائح كلها من فعل غيره، وأنه لا يجوز اضافتها إليه تعالى.
قوله تعالى:
(ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار) (192) - آية -.
وهذه أيضا حكاية عن أولي الألباب الذين وصفهم بأنهم أيضا يقولون (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) أي من ناله عذاب النار وما فيها من الذل والمهانة فهو المخزى. وقال ابن جريج، وقتادة، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب: الاخزاء يكون بالتأييد فيها. وقال جابر بن عبد الله:
إن الخزي يكون بالدخول فيها. وروى عنه عمرو بن دينار وعطا أنه قال: وما أخزاه من أحرقه بالنار إن دون ذا لخزيا، وهذا هو الأقوى، لان الخزي إنما هو هتك المخزى، وفضيحته، ومن عاقبه الله على ذنوبه،، فقد فضحه وذلك هو