يكونون مع المؤمنين في الجنة، ومحل الكرامة، ويسكنهم مساكنهم وما وعدهم من الجزاء على توبتهم، وسوف يؤتي الله المؤمنين اجرا عظيما. فكان تقدير الآية إن الذين راجعوا الحق، وأقروا بوحدانية الله، وتصديق رسوله، وما جاء به من عند الله، وأصلحوا اعمالهم فعملوا بما أمرهم الله به وأدوا فرضه وانتهوا عما نهاهم، وانزجروا عن معاصيه، وتمسكوا بعهد الله وميثاقه، فقطع حينئذ انه تعالى يؤتي المؤمنين، أي يعطيهم أجرا، يعني عظيما، ودرجات في الجنة كما اعطى من مات على النفاق منازل في النار في أسفل طبقة منها. وهذه الجملة معنى قول حذيفة بن اليمان، وجميع المفسرين.
" وسوف يؤت الله " كتبت في المصحف بلا ياء تخفيفا ومثله " يوم يأت لا تكلم " وقوله: " ما كنا نبغ " وغير ذلك. وكان الكسائي يثبت الياء في الوصل دون الوقف، ثم رجع عنه. وأبو عمرو يثبتها في الوصل وأهل المدينة يثبتونها في الحالين قوله تعالى:
(ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وامنتم وكان الله شاكرا عليما) (147) آية.
خاطب الله (تعالى) بهذه الآية المنافقين الذين تابوا وآمنوا، وأصلحوا اعمالهم، فقال: إن أنتم تبتم إلى الله وراجعتم الحق الواجب لله عليكم، وشكرتموه على نعمه وأخلصتم عبادته، واعتصمتم به وتركتم رياء الناس، وآمنتم برسوله محمد صلى الله عليه وآله وصدقتم به، وأقررتم بما جاء به من عند الله ما يصنع. بعذابكم، أي لا حاجة بالله إلى عذابكم، وجعلكم في الدرك الأسفل من جهنم، لأنه لا يجتلب بعذابكم نفعا، ولا يدفع عن نفسه ضررا، لأنهما مستحيلان عليه.
" وكان الله شاكرا " يعني لم يزل الله مجازيا للشاكر على شكره في جميع