من كذا، ولا أبوك. وإن كان القائل يعتقد ان أباه أفضل.
الثاني - انه لا تفاوت بين الأنبياء والملائكة التفاوت البعيد كتفاوت الأمير والحارس، وما يجري مجرى ذلك. ويجوز أن يقدم الفاضل ويؤخر المفضول. ألا ترى أنك تقول: لا يستكف الأمير فلان من كذا، ولا الأمير فلان؟ وإن كان الأول أفضل.
والثالث - انه اخر ذكر الملائكة، لان جميع الملائكة أكثر ثوابا لا محالة من المسيح منفردا فمن أين ان كل واحد منهم أفضل من المسيح، أو غيره من الأنبياء؟
قوله تعالى:
(فاما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله واما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا) (172) آية.
أخبر الله تعالى في هذه الآية ووعد ان الذين يقرون بوحدانيته تعالى، ويعترفون بربوبيته، ويخضعون لعبادته، ويعملون الاعمال الصالحات التي أمر الله بها، وبعث بها رسله انه يوفيهم أجورهم. ومعناه يؤتيهم جزاء أعمالهم الصالحة وافيا تاما، ويزيدهم من فضله يعني يزيدهم ما كان وعدهم به من الجزاء على أعمالهم الصالحة والثواب عليها من الفضل، والزيادة هو ما لم يعرفهم مبلغه لأنه (تعالى) وعد على الحسنة عشر أمثالها من الثواب، والزيادة على ذلك تفضل من الله عليهم، وإن كان كل ذلك من فضله إلى عباده. وقد روي أن الزيادة إلى سبعين ضعفا وإلى سبعمائة وإلى الفين وكل ذلك جائز على ما يختاره الله ويفعله.
وقوله " وأما الذين استنكفوا واستكبروا " معناه أن الذين يأنفون عن الاقرار بتوحيد الله، ويتعظمون عن الاعتراف بعبوديته، والاذعان له بالطاعة،