صدورهم "، فلم يقاتلوكم " والقوا إليكم السلم " يعني صالحوكم، واستسلموا، كما يقول القائل: أعطيتك قيادي وألقيت إليك خطامي إذا استسلم له وانقاد لامره، فكذلك قوله: " والقوا إليكم السلم " يريد به الصلح وقال أكثر المفسرين: البلخي والطبري والجبائي، وغيرهم: ان المراد به الاسلام. قال الطرماح:
وذاك ان تميما غادرت سلما * للأسد كل حصان وعثة اللبد (1) يعني استسلاما. وقال: " فما جعل الله لكم عليهم سبيلا " يعني إذا استسلموا لكم فلا طريق لكم على نفوسهم، وأموالهم. قال الربيع: السلم ها هنا الصلح، ثم نسخ ذلك بقوله: " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " (2) الآية. وبه قال عكرمة والحسن قالا. نسخت هذه الآية إلى قوله: " سلطانا مبينا " وقوله: في الممتحنة: " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم " إلى قوله: " الظالمون " (3) نسخت هذه الأربع آيات بقوله: في براءة الآية التي تلوناها، وبه قال قتادة وابن زيد:
قوله تعالى: (ستبدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا) (91) - آية بلا خلاف -.
النزول قيل في الذين نزلت فيهم هذه الآية ثلاثة أقوال: