حتى هتكوا أنفسهم عند من كانت تخفى عليه حالهم من المؤمنين الذين كانوا يحسنون الظن بهم، وليس المراد أن بينهم وبين المؤمنين قربا يوجب دخول لفظة أفعل بينهم. وإنما هو مثل قول القائل: - وهو صادق - لمن هو كاذب: أنا أصدق منك، وإن لم يكن بينهما مقاربة في الصدق. وقوله: (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم) إنما ذكر الأفواه، وإن كان القول لا يكون إلا بالأفواه لامرين:
أحدهما - للتأكيد من حيث يضاف القول إلى الانسان على جهة المجاز، فيقال: قد قال كذا: إذا قاله غيره ورضي به، وكذلك (يكتبون الكتاب بأيديهم) (1) أي يتولونه على غير جهة الامر به.
والثاني - لأنه فرق بذكر الأفواه بين قول اللسان وقول الكتاب.
وقوله: (والله أعلم بما يكتمون) يعني أعلم من الكافرين الذين قالوا:
لا يكون قتال، وما كتموه في نفوسهم من النفاق.
قوله تعالى: (الذين قالوا لاخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرأوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين) (168) - آية -.
الاعراب:
موضع الذين يحتمل ثلاثة أوجه من الاعراب:
أحدها - أن يكون نصبا على البدل من الذين نافقوا.
الثاني - الرفع على البدل من الضمير في يكتمون.
الثالث - الرفع على خبر الابتداء، وتقديره: هم (الذين قالوا لاخوانهم)