عباده عليما بما يستحقونه على طاعاته من الثواب، ولا يضيع عنده شئ منه، ولا يفوته شئ من معاصي من عصاه، فيجازي بذلك من يشاء منهم على سوء أفعالهم جزاء بما كسبوه. وبه قال قتادة وغيره من المفسرين. والشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من تعظيم المنعم، وذلك لا يجوز الشكر منه بمعنى الجزاء عليه كما قال: " ومكروا ومكر الله " " وجزاء سيئة سيئة مثلها " والجزاء ليست سيئة ولكن أطلق ذلك لازدواج الكلام.
قوله تعالى:
(لا يجب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم وكان الله سميعا عليما) (148) آية بلا خلاف.
[القراءة والحجة]:
الفراء ضم الظاء في قوله: " الا من ظلم " وكسر اللام. وقرأ زيد بن أسلم والضحاك بن مزاحم (ظلم) بفتح الظاء واللام. فمن ضم الظاء، اختلفوا في تأويله فقال قوم: معنى ذلك لا يحب الله ان يجهر أحد بالدعاء على أحد، وهو الجهر بالسوء إلا من ظلم فيدعو على ظالمه، لا يكره ذلك وذلك أنه رخص له فيه.
ذهب إليه ابن عباس وقتادة والحسن.
[الاعراب]:
و (من) على قول ابن عباس في موضع رفع، لأنه وجهه إلى أن الجهر بالسوء في معنى الدعاء. واستثنى المظلوم منه وقال الزجاج: وجه الرفع أن يكون بدلا من أحد وتقديره لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء إلا من ظلم وقال الفراء تقديره لا يحب الله أن يجهر بالسوء الا المظلوم، فلا حرج عليه في الجهر اما بان يدعو عليه، أو بان يخبر بما فعله به، ويذمه عليه. وبه قال الجبائي قال: ولا يجوز