قوله تعالى:
(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) (48) - آية واحدة بلا خلاف -.
قال الفراء قوله: " أن يشرك " في موضع النصب، وتقديره " إن الله لا يغفر " الشرك قال: ويحتمل أن يكون موضعه الجر وتقديره لا يغفر الذنب مع الشرك. وقال قوم: الفرق بين قوله: " إن الله لا يغفر أن يشرك به "، وبين قوله: " إن الله لا يغفر " الشرك به من وجهين:
أحدهما - أن (أن) تدل على الاستقبال.
والآخر - ذكره الرماني أنها تدل على وجه الفعل في الإرادة، ونحوها. إذ كان قد يريد الانسان الكفر مع ظنه أنه ايمان، كما يريد النصارى عبادة المسيح.
ولا يجوز ارادته أن يكفر مع التوهم انه ايمان وكذلك لا يريد الضر مع التوهم أنه نفع، ولا يجوز ارادته أن يضر مع التوهم أنه نفع، وكذلك أمره بالخطأ مع التوهم أنه صواب، ولا يجوز أمره أن يخطئ مع التوهم أنه صواب، وهذا عندي ليس بصحيح، لان الشرك مذموم على كل حال سواء علمه فاعله كذلك، أو لم يعلم. ألا ترى أن النصارى يستحقون اللعنة والبراءة على ما يعتقدونه من التثليث وإن اعتقدوا هم صحته، فالفرق الأول هو الجيد وظاهر الآية يدل على أن الله تعالى لا يغفر الشرك أصلا، لكن أجمعت الأمة على أنه لا يغفره مع عدم التوبة، فاما إذا تاب منه فإنه يغفره، وإن كان عندنا غفران الشرك مع التوبة تفضلا، وعند المعتزلة هو واجب، وهذه الآية من آكد ما دل على إن الله تعالى يعفو عن المذنبين من غير توبة ووجه الدلالة منها أنه نفى أن يغفر الشرك إلا مع التوبة وأثبت أنه يغفر ما دونه، فيجب أن يكون مع عدم التوبة، لأنه إن كان ما دونه، لا يغفره إلا مع التوبة، فقد صار ما دون الشرك مثل الشرك، فلا معنى