النون الأولى وجزمها. وقد بينا اختلاف القراء فيه. قال الزجاج: من حرك النون أراد بغض قوم. ومن سكن أراد بغيض قوم. وحكى أيضا جرم واجرم لغتين وقيل أجرمته أدخلته في الجرم كما قيل أثمته ومعناه أدخلته في الاثم والمعنى لا يحملنكم شنآن قوم اي بغض قوم ألا تعدلوا في حكمكم فيهم، وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم. وقال عبد الله بن كثير: نزلت هذه الآية في يهود حين مضى النبي صلى الله عليه وآله إلى حصن بني قريظة يستعينهم في دية فهموا أن يقتلوه، فنزلت هذه الآية، ثم أمرهم بعد النبي عن الجور أن يفعلوا العدل مع كل أحد وليا كان أو عدوا، فان فعل العدل أقرب لكم أيها المؤمنون إلى التقوى، ثم حذرهم تعالى فقال " واتقوا الله " أي خافوا عقابه باجتناب معاصيه وفعل طاعاته، فان الله خبير أي عالم بأعمالكم والكناية في قوله: " هو أقرب للتقوى " كناية عن العدل أي العدل أقرب للتقوى، ولو لم يكن هو في الكلام، لكان أقرب نصبا، كما قال: انتهوا خيرا لكم وكنى عن الفعل في هذا الموضع بهو.
قوله تعالى:
(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة واجر عظيم) (9) - آية بلا خلاف -.
وعد الله تعالى في هذه الآية الذين صدقوا بوحدانية الله وأقروا بنبوة نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وعملوا الصالحات ان لهم مغفرة أو وعدهم مغفرة ووقعت الجملة موقع المفرد كما قال الشاعر:
وجدنا الصالحين لهم جزاء * وجنات وعينا سلسبيلا وتكون الجملة التي هي لهم مغفرة في موضع النصب، ولذلك عطف في البيت وعينا، فنصب على الموضع، ويحتمل أن يكون موضع (لهم مغفرة) في موضع الرفع، ويكون الموعود به محذوفا، ويكون التقدير لهم مغفرة وأجر عظيم فيما