معنى الآية الاخبار من الله تعالى بأنه مالك ما في السماوات، وما في الأرض بمعنى أنه يملك تدبيرهما، وتصريفهما على ما شاء من جميع الوجوه ليس لغيره الاعتراض عليه في ذلك وانه المقتدر على جميع ذلك " وهو على كل شئ قدير "، وفى الآية تكذيب لمن قال: " إن الله فقير ونحن أغنياء " (1) لان من ملك ما في السماوات والأرض لا يكون فقيرا. وفي قوله: (والله على كل شئ قدير) تنبيه على أنه قادر على إهلاك من يقول هذا القول جهلا منه وعنادا، لكنه يحلم عنه ويؤخر عذابه لضرب من المصلحة وقوله: " على كل شئ قدير " خرج مخرج المبالغة، وهو أخص من قوله: " بكل شئ عليم " لان أفعال العباد لا توصف بالقدرة عليها، وفرق الرماني بين أن يقال هو قادر على أفعال العباد، وبين قادر على فعلهم، فقال قادر عليها يحتمل مالا يحتمل قادر على فعلهم، لأنه يفيد أنه قادر على تصريفه كما يقولون فلان قادر على هذا الحجر أي قادر على رفعه، ووضعه، وفلان قادر على نفسه أي قادر على ضبطها، ومنعها مما تنازع إليه، فعلي هذا جائز أن يقال إنه قادر على أفعال العباد بمعنى أنه قادر على المنع منها، والتمكين منها دون ما يستحيل من القدرة على ايجادها.
قوله تعالى:
(إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) (190) - آية -.
في هذه الآية دلالة على وجوب النظر والفكر، والاعتبار بما يشاهد من الخلق والاستدلال على الله تعالى، ومدح لمن كانت صفته هذه، ورد على من أنكر وجوب ذلك، وزعم أن الايمان لا يكون إلا تقليدا وبالخبر، لأنه تعالى أخبر عما في خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار من الدلالات عليه