أي قسماها من الفلج والفالج، وهو مكيال، وكان خراجهم طعاما.
فلت خطب رضي الله تعالى عنه الناس، فقال: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها إنه لا بيعة إلا عن مشورة وأيما رجل بايع من غير مشورة فإنه لا يؤمر واحد منهما تغرة أن يقتلا.
فلتة أي فجاءة، لأنه لم ينتظر بها العوام، وإنما ابتدرها أكابر الصحابة لعلمهم أنه ليس له منازع ولا شريك في وجوب التقدم وقيل: هي آخر ليلة من الأشهر الحرم. وفيها كانوا يختلفون فيقول قوم: هي من الحل. وقوم من الحرم. فيسارع الموتور إلى درك الثأر غير متلوم فيكثر الفساد وتسفك الدماء قال:
سائل لقيطا وأشياعها * ولا تدعن واسألن جعفرا غداة العروبة من فلتة * لمن تركوا الدار والمحضرا أي فروا لما حل القتال فتركوا محاضرهم فشبه حياة أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالأشهر الحرم ويوم موته بالفلتة وفي وقوع الشر، من ارتداد العرب، ومنع الزكاة، وتخلف الأنصار عن الطاعة والجري على عادة العرب في ألا يسود القبيلة إلا رجل منها، وقولهم: منا أمير ومنكم أمير.
وفي الحديث، عن سالم بن عبد الله بن عمر، قال: قال عمر: كانت إمارة أبي بكر فلتة وقى الله شرها. قلت: وما الفلتة قال: كان أهل الجاهلية يتحاجزون في الحرم، فإذا كانت الليلة التي يشك فيها أدغلوا فأغاروا.
وكذلك كان يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أدغل الناس من بين مدع إمارة وجاحد زكاة فلولا اعتراض أبي بكر دونها لكانت الفضيحة. ويجوز أن يريد بالفلتة الخلسة، يعني أن الإمارة يوم السقيفة مالت إلى توليها كل نفس، ونيط بها كل طمع، ولذلك كثر فيها التشاجر والتجاذب، وقاموا فيها بالخطب، ووثب غير واحد يستصوبها لرجل عشيرته، ويبدي ويعيد، فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي، واختلاسا من المخالب، ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مهيجة للشر والفتنة، فعصم الله من ذلك ووقى التغرة: مصدر غرر به إذا ألقاه في الغرر. والأصل حوف تغرة في أن يقتلا أي خوف اخطار بهما في القتل. وانتصاب الخوف على أنه مفعول له، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه وحذف حرف الجر.
ويجوز أن يكون: أن يقتلا بدلا من تغرة، وكلاهما المضاف محذوف منه. وإن أضيفت التغرة إلى أن يقتلا فمعناه خوف تغرير قتلهما، على طريقة قوله تعالى: بل مكر