فلما أن أكل منها طارت منه الحلل والنور من جسده، ووضع آدم يده على رأسه وبكى، فلما أن تاب الله على آدم افترض الله عليه وعلى ذريته اغتسال هذه الأربع جوارح، وأمر أن يغسل الوجه لما نظر آدم إلى الشجرة، وأمر أن يغسل الساعدين إلى المرافق لما مد يديه إلى الخطيئة، وأمر أن يمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه، وأمر أن يمسح القدم بما مشيت إلى الخطيئة، ثم سننت على أمتي المضمضة والاستنشاق، والمضمضة تنقي القلب من الحرام، والاستنشاق يحرم رائحة النار.
فقال: صدقت يا محمد! ما جزاء من توضأ كما أمرت؟
قال: أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان، وإذا مضمض نور الله لسانه وقلبه بالحكمة، وإذا استنشق آمنه الله من فتن القبر ومن فتن النار؛ فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تسود الوجوه، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه غلول النار، وإذا مسح رأسه مسح الله سيئاته، وإذا مسح قدميه جاوزه الله على الصراط يوم تزل فيه الأقدام.
قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن الخامس، بأي شيء أمر الله الاغتسال من النطفة، ولم يأمر من البول والغائط، والنطفة أنظف من البول والغائط؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لإن آدم لما أكل من الشجرة تحول ذلك في عروقه وشعره وبشره، وإذا جامع الرجل المرأة خرجت النطفة من كل عرق وشعر، فأوجب الله الغسل على ذرية آدم إلى يوم القيامة، والبول والغائط لا يخرج إلا من فضل ما يأكل ويشرب الإنسان، كفى به الوضوء.
فقال اليهودي: ما جزاء من اغتسل من الحلال؟
قال: بنى الله له بكل قطرة من ذلك الماء قصرا في الجنة، وهو شيء [فيما] بين الله وبين عباده من الجنابة.