فقلت: قضاها الله بأبي أنت وأمي! فقال: أما إنك أن تعين أخاك المسلم أحب إلي من طواف أسبوع بالبيت مبتدئا، ثم قال: إن رجلا أتى الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال:
بأبي أنت وأمي! أعني على قضاء حاجة. فانتقل وقام معه، فمر على الحسين صلوات الله عليه وهو قائم يصلي، فقال له [(عليه السلام)]: أين كنت عن أبي عبد الله تستعينه على حاجتك؟ قال: قد فعلت بأبي أنت وأمي! فذكر أنه معتكف.
فقال له: أما إنه لو أعانك كان خيرا له من اعتكافه شهرا. (1) قال المجلسي: فإن قيل: كيف لم يختر الحسين (عليه السلام) إعانته مع كونها أفضل؟
قلت: يمكن أن يجاب عن ذلك بوجوه:
الأول: أنه يمكن أن يكون له (عليه السلام) عذر آخر لم يظهره للسائل، ولذا لم يذهب معه، فأفاد الحسن (عليه السلام) ذلك لئلا يتوهم السائل أن الإعتكاف في نفسه عذر في ترك هذا، فالمعنى: لو أعانك مع عدم عذر آخر كان خيرا.
الثاني: أنه لا استبعاد في نقص علم إمام قبل إمامته عن إمام آخر في حال إمامته، أو اختيار الإمام ما هو أقل ثوابا لا سيما قبل الإمامة.
الثالث: ما قيل: إنه لم يفعل ذلك لإيثار أخيه على نفسه صلوات الله عليهما في إدراك ذلك الفضل.
الرابع: أن (فعلت) بمعنى أردت الاستعانة، وقوله (عليه السلام) (فذكر) على بناء المجهول، أي ذكر بعض خدمه أو أصحابه أنه معتكف فلذا لم أذكر له.
ثم اعلم أن قضاء الحاجة من المواضع التي جوز الفقهاء خروج المعتكف فيها عن محل اعتكافه، إلا أنه لا يجلس بعد الخروج، ولا يمشي تحت الظل إختيارا