قالت: لا، إلا هذه الشاة، فليذبحنها أحدكم حتى أهيئ لكم شيئا تأكلون! فقام إليها أحدهم فذبحها، وكشطها ثم هيأت لهم طعاما فأكلوا، ثم أقاموا حتى أبردوا، فلما ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمي بنا فإنا صانعون إليك خيرا.
ثم ارتحلوا، وأقبل زوجها وأخبرته عن القوم والشاة، فغضب الرجل وقال:
ويحك! أتذبحين شاتي لأقوام لا تعرفينهم ثم تقولين: نفر من قريش؟
ثم بعد مدة ألجأتهم الحاجة إلى دخول المدينة فدخلاها وجعلا ينقلان البعير إليها ويبيعانه ويعيشان منه، فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فإذا الحسن (عليه السلام) على باب داره جالس، فعرف العجوز وهي له منكرة، فبعث غلامه فردها، فقال لها:
يا أمة الله! أتعرفينني؟
قالت: لا.
قال: أنا ضيفك يوم كذا وكذا.
فقالت العجوز: بأبي أنت وأمي! [لست أعرفك! فقال: فإن لم تعرفيني فأنا أعرفك]، فأمر الحسن (عليه السلام) فاشترى لها من شاء [شاة] الصدقة ألف شاة، وأمر لها بألف دينار! وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين (عليه السلام)، فقال: بكم وصلك أخي الحسن؟
فقالت: بألف شاة وألف دينار! فأمر لها بمثل ذلك! ثم بعث بها مع غلام إلى عبد الله بن جعفر. فقال: بكم وصلك الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ فقالت: بألفي دينار وألفي شاة، فأمر لها عبد الله بألفي دينار وألفي شاة، وقال: لو بدأت بي لأتعبتهما، فرجعت العجوز إلى زوجها بذلك. (1)