فقلت: يا سلمان بحق الصداقة والأخوة التي بيني وبينك وبحق دين الإسلام إلا ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما.
فقال: لما أتيا إلى أبيهما وتأمل حالهما رق لهما ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما، قال لهما: إمضيا إلى أمكما فهي تحكم بينكما. فأتيا إلى أمهما وعرضا عليها ما كتبا في اللوح وقالا: يا أماه! إن جدنا أمرنا أن نتكاتب فكل من كان خطه أحسن تكون قوته أكثر، فتكاتبنا وجئنا إليه فوجهنا إلى أبينا فلم يحكم بيننا ووجهنا إليك، فتفكرت فاطمة (عليها السلام) بأن جدهما وأباهما ما أرادا كسر خاطرهما، أنا ما أصنع وكيف أحكم بينهما، فقالت لهما: يا قرتي عيني إني أقطع قلادتي على رأسكما فأيكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطه أحسن، وتكون قوته أكثر.
قال: وكان في قلادتها سبع لؤلؤات ثم إنها قامت فقطعت قلادتها على رأسهما فالتقط الحسن (عليه السلام) ثلاث لؤلؤات، والتقط الحسين (عليه السلام) ثلاث لؤلؤات، وبقيت الأخرى، فأراد كل منهما تناولها فأمر الله تعالى جبرائيل (عليه السلام) بنزوله إلى الأرض وأن يضرب بجناحيه تلك اللؤلؤة ويقدها نصفين بالسوية ليأخذ كل منهما نصفا؛ لئلا يغتم قلب أحدهما، فنزل جبرائيل (عليه السلام) كطرفة عين وقد اللؤلؤة نصفين فأخذ كل منهما نصفا.
فانظر يا يزيد! كيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يدخل على أحدهما ألم الترجيح في الكتابة، ولم يرد كسر قلبهما، وكذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام)، وكذلك رب العزة لم يرد كسر قلب أحدهما، بل أمر من يقسم اللؤلؤة بينهما لجبر قلبهما، وأنت هكذا تفعل بابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أف لك ولدينك يا يزيد.
ثم إن النصراني نهض إلى رأس الحسين (عليه السلام) واحتضنه وجعل يقبله وهو يبكي