فودعها وخرج، وركب جواده وحماه في حومة الميدان.
ثم طلب المبارزة، فجاء إليه رجل يعد بألف فارس، فقتله القاسم، وكان له أربعة أولاد مقتولين فضرب القاسم فرسه بسوط، وعاد يقتل الفرسان إلى أن ضعفت قوته، فهم بالرجوع إلى الخيمة، وإذا بالأزرق الشامي قد قطع عليه الطريق وعارضه، فضربه القاسم على أم رأسه فقتله، وسار القاسم إلى الحسين (عليه السلام) وقال: يا عماه!
العطش العطش، أدركني بشربة من الماء. فصبره الحسين (عليه السلام)، وأعطاه خاتمه وقال:
حطه في فمك ومصه.
قال القاسم: فلما وضعته في فمي كأنه عين ماء فارتويت وانقلبت إلى الميدان، ثم جعل همته على حامل اللواء وأراد قتله، فأحاطوا به بالنبل، فوقع القاسم على الأرض، فضربه شيبة بن سعد الشامي بالرمح على ظهره فأخرجه من صدره، فوقع القاسم يخور بدمه ونادى: يا عم أدركني!
فجاءه الحسين (عليه السلام) وقتل قاتله، وحمل القاسم إلى الخيمة فوضعه فيها، ففتح القاسم عينه، فرأى الحسين (عليه السلام) قد احتضنه وهو يبكي ويقول: يا ولدي! لعن الله قاتليك، يعز والله على عمك أن تدعوه وأنت مقتول، يا بنى! قتلوك الكفار كأنهم ما عرفوك من جدك وأبوك!؟
ثم إن الحسين (عليه السلام) بكى بكاء شديدا، وجعلت ابنة عمه تبكي، وجميع من كان منهم لطموا الخدود، وشققوا الجيوب. (1)