ابنة عمه، فقال لها: خلي ذيلي، فإن عرسنا أخرناه إلى الآخرة! فصاحت وناحت وأنت من قلب حزين، ودموعها جارية على خديها وهي تقول: يا قاسم! أنت تقول عرسنا أخرناه إلى الآخرة، وفي القيامة بأي شيء أعرفك؟ وفي أي مكان أراك؟
فمسك القاسم يده وضربها على ردنه وقطعها وقال: يا ابنة العم! اعرفيني بهذه الردن المقطوعة.
قال: فانفجع أهل البيت بالبكاء لفعل القاسم، وبكوا بكاء شديدا، ونادوا بالويل والثبور.
قال من روى: فلما رآى الحسين (عليه السلام) أن القاسم يريد البراز قال له: يا ولدي!
أتمشي برجلك إلى الموت؟!
قال: وكيف يا عم! وأنت بين الأعداء وحيدا فريدا لم تجد محاميا ولا صديقا، روحي لروحك الفداء، ونفسي لنفسك الوقاء.
ثم إن الحسين (عليه السلام) شق أزياق القاسم وقطع عمامته نصفين، ثم أدلاها على وجهه، ثم ألبسه ثيابه بصورة الكفن، وشد سيفه بوسط القاسم، وأرسله إلى المعركة.
ثم إن القاسم قدم إلى عمر بن سعد وقال: يا عمر! أما تخاف الله، أما تراقب الله يا أعمى القلب، أما تراعي رسول الله؟!
فقال عمر بن سعد: أما كفاكم التجبر، أما تطيعون يزيد؟
فقال القاسم: لا جزاك الله خيرا، تدعي الإسلام وآل رسول الله عطاشى ظماء، قد اسودت الدنيا بأعينهم؟! فوقف هنيئة فما رآى أحدا يقدم إليه، فرجع إلى الخيمة، فسمع صوت ابنة عمه تبكي فقال لها: ها أنا جئتك، فنهضت قائمة على قدميها وقالت: مرحبا بالعزيز، الحمد لله الذي أراني وجهك قبل الموت! فنزل القاسم إلى الخيمة وقال: يا بنت العم! ما لي اصطبار أن أجلس معك والكفار يطلبون البراز،