وهم فعليك بحل العوذة وقرائتها وفهم معناها، واعمل بكل ما تراه مكتوبا فيها.
فقال القاسم لنفسه: مضى سنون علي ولم يصبني من مثل هذا الألم، فحل العوذة وفضها ونظر إلى كتابتها، وإذا فيها: يا ولدي قاسم! أوصيك أنك إذا رأيت عمك الحسين (عليه السلام) في كربلاء وقد أحاطت به الأعداء، فلا تترك البراز والجهاد لأعداء رسول الله، ولا تبخل عليه بروحك، وكلما نهاك عن البراز عاوده ليأذن لك في البراز لتحظى بالسعادة الأبدية.
فقام القاسم من ساعته، وأتى إلى الحسين (عليه السلام) وعرض ما كتب الحسن (عليه السلام) على عمه الحسين (عليه السلام)، فلما قرأ الحسين (عليه السلام) العوذة بكى بكاء شديدا، ونادى بالويل والثبور، وتنفس الصعداء وقال: يا ابن الأخ! هذه الوصية لك من أبيك، وعندي وصية أخرى منه لك، ولا بد من انفاذها.
فمسك الحسين (عليه السلام) على يد القاسم وأدخله الخيمة، وطلب عونا وعباسا وقال لأم القاسم: ليس للقاسم ثياب جدد.
قالت: لا.
فقال لأخته زينب: إيتيني بالصندوق. فأتته به ووضع بين يديه، ففتحه وأخرج منه قباء الحسن (عليه السلام) وألبسه القاسم، ولف على رأسه عمامة الحسن، ومسك بيد ابنته التي كانت مسماة للقاسم، فعقد له عليها وأفرد له خيمة، وأخذ بيد البنت ووضعها بيد القاسم وخرج عنهما.
فعاد القاسم ينظر إلى ابنة عمه، ويبكي إلى أن سمع الأعداء يقولون: هل من مبارز؟ فرمى بيد زوجته وأراد الخروج وهي تقول له: ما يخطر ببالك، وما الذي تريد أن تفعله؟!
قال لها: أريد ملاقاة الأعداء، فإنهم يطلبون البراز، وإني أريد ملاقاتهم. فلزمته