الضحاك المشرقي، قال:
لما أقبلوا [الأعداء] نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنا ألهبنا فيه النار من ورائنا؛ لئلا يأتونا من خلفنا، إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل الأداة، فلم يكلمنا حتى مر على أبياتنا، فنظر إلى أبياتنا فإذا هو لا يرى إلا حطبا تلتهب النار فيه، فرجع راجعا ونادى بأعلى صوته: يا حسين!
استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة!
فقال الحسين (عليه السلام): من هذا؟ كأن شمر بن ذي الجوشن؟!
فقالوا: نعم، أصلحك الله، هو هو.
فقال: يا ابن راعية المعزى! أنت أولى بها صليا.
فقال له مسلم بن عوسجة: يا ابن رسول الله! جعلت فداك، ألا أرميه بسهم، فإنه قد أمكنني، وليس يسقط سهم [مني]، فالفاسق من أعظم الجبارين!
فقال له الحسين (عليه السلام): لا ترمه، فإني أكره أن أبدأهم. (1) [481] - 264 - الخوارزمي:
ثم قرب إليه [الحسين (عليه السلام)] فرسه فاستوى عليه، وتقدم نحو القوم في نفر من أصحابه، وبين يديه برير بن حضير الهمداني.
فقال له الحسين (عليه السلام): كلم القوم، يا برير! وانصحهم.
فتقدم برير، حتى وقف قريبا من القوم، والقوم قد زحفوا إليه عن بكرة أبيهم فقال لهم برير: يا هؤلاء! اتقوا الله فإن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذريته وعترته وبناته وحرمه، فهاتوا ما عندكم، وما الذي تريدون أن تصنعوا بهم؟