[463] - 246 - البهبهاني روى عن كتاب نور العيون بإسناده عن سكينة بنت الحسين، أنها قالت:
كنت جالسة في ليلة مقمرة وسط الخيمة، وإذا أنا أسمع من خلفها بكاء وعويلا، فخشيت أن يفقه بي النساء، فخرجت أعثر بأذيالي وإذا بأبي (عليه السلام) جالس، وحوله أصحابه وهو يبكي وسمعته يقول لهم:
إعلموا، أنكم خرجتم معي لعلمكم أني أقدم على قوم بايعوني بألسنتهم وقلوبهم، وقد انعكس الأمر لأنهم استحوذ عليهم الشيطان فأنسيهم ذكر الله، والآن ليس لهم مقصد إلا قتلي وقتل من يجاهد بين يدي، وسبي حريمي بعد سلبهم، وأخشى أن تكونوا ما تعلمون وتستحيون. والخدع عندنا أهل البيت محرم، فمن كره منكم ذلك فلينصرف، فالليل ستير والسبيل غير خطير والوقت ليس بهجير، ومن واسانا بنفسه كان معنا غدا في الجنان نجيا من غضب الرحمن، وقد قال جدي محمد (صلى الله عليه وآله): ولدي الحسين يقتل بأرض كربلاء غريبا وحيدا عطشانا فريدا، فمن نصره فقد نصرني ونصر ولده القائم، ولو نصرنا بلسانه فهو في حزبنا يوم القيمة.
قالت سكينة: فوالله! ما أتم كلامه إلا وتفرق القوم من عشرة وعشرين، فلم يبق معه إلا واحد وسبعون رجلا فنظرت إلى أبي منكسا رأسه فخنقتني العبرة، فخشيت أن يسمعني ورفعت طرفي إلى السماء وقلت: أللهم إنهم خذلونا، فاخذلهم ولا تجعل لهم دعاء مسموعا، وسلط عليهم الفقر، ولا ترزقهم شفاعة جدي يوم القيامة، ورجعت ودموعي تجري على خدي، فرأتني عمتي أم كلثوم فقالت: ما دهاك يا بنتاه! فأخبرتها الخبر فصاحت: وا جداه! وا علياه! وا حسناه! وا حسيناه!