أستحي أن أسير إليه، فإن رأيت أن تبعث غيري فابعث. قال فبعث إليه رجلا يقال له: فلان [كثير] بن عبد الله السبيعي [الشعبي]، وكان فارسا بطلا شجاعا لا يرد وجه [وجهه] عن شيء، فقال له عمر بن سعد: امض إلى الحسين فسله ما الذي أخرجه عن مكة، وما يريد؟
قال: فأقبل السبيعي نحو الحسين، ثم قال له الحسين (عليه السلام) لما رآه: ضع سيفك حتى نكلمك!
فقال: لا ولا كرامة لك، إنما أنا رسول عمر بن سعد، فإن سمعت مني بلغتك ما أرسلت به، وإن أبيت انصرفت عنك. فقال له أبو ثمامة الصائدي: فإني آخذ سيفك.
فقال: لا والله! لا يمس سيفي أحد؛ فقال أبو ثمامة: فتكلم بما تريد ولا تدن من الحسين، فإنك رجل فاسق. قال: فغضب السبيعي ورجع إلى عمر بن سعد، وقال:
إنهم لم يتركوني أصل إلى الحسين فأبلغه الرسالة.
فأرسل إليه قرة بن قيس الحنظلي، فأقبل، فلما رأى معسكر الحسين، قال الحسين (عليه السلام) لأصحابه: هل تعرفون هذا؟
فقال حبيب بن مظاهر الأسدي: نعم، هذا من بني تميم، وقد كنت أعرفه بحسن الرأي، وما ظننت أنه يشهد هذا المشهد!
وتقدم الحنظلي حتى وقف بين يدي الحسين فسلم عليه وأبلغه رسالة عمر بن سعد، فقال (عليه السلام): يا هذا! أعلم صاحبك عني، أني لم أرد إلى ههنا حتى كتب إلي أهل مصركم أن يبايعوني ولا يخذلوني وينصروني، فإن كرهوني أنصرف عنهم من حيث جئت. (1)