فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيد الله، يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتي كتابه، وهذا رسوله وقد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ أمره فيكم.
فنظر يزيد بن المهاجر الكندي - وكان مع الحسين (عليه السلام) - إلى رسول ابن زياد فعرفه، فقال له يزيد: ثكلتك أمك ماذا جئت فيه!؟
قال: أطعت إمامي، ووفيت ببيعتي.
فقال له ابن المهاجر: بل عصيت ربك وأطعت إمامك في هلاك نفسك، وكسبت العار والنار، وبئس الإمام إمامك، قال الله تعالى: ﴿وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيمة لا ينصرون﴾ (1) فإمامك منهم.
وأخذهم الحر بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا في قرية، فقال له الحسين (عليه السلام): دعنا ويحك، ننزل في هذه القرية، أو هذه - يعني نينوى والغاضرية -، أو هذه (2) يعني شفية، قال: والله! ما أستطيع ذلك، هذا رجل قد بعث إلي عينا علي.
فقال زهير بن القين: إني والله! ما أراه يكون بعد الذي ترون إلا أشد مما ترون يا ابن رسول الله! إن قتال هؤلاء القوم الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا بعدهم ما لا قبل لنا به!
فقال الحسين (عليه السلام): ما كنت لأبدأهم بالقتال. ثم نزل وذلك يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة إحدى وستين. (3)