بأربعة نفر قد أقبلوا من الكوفة على رواحلهم، يجنبون فرسا لنافع بن هلال، ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي (1) على فرسه، وهو يقول:
يا ناقتي لا تذعري من زجري * وشمري قبل طلوع الفجر بخير ركبان وخير سفر * حتى تحلي بكريم النجر الماجد الحر رحيب الصدر * أتى به الله لخير أمر ثمة أبقاه بقاء الدهر فلما انتهوا إلى الحسين (عليه السلام) أنشدوه هذه الأبيات، فقال [الحسين (عليه السلام)]: أما والله! إني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا قتلنا، أم ظفرنا!.
وأقبل إليهم الحر بن يزيد فقال [للإمام (عليه السلام)]: إن هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك، وأنا حابسهم، أو رادهم.
فقال له الحسين (عليه السلام): لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي، إنما هؤلاء أنصاري وأعواني، وقد كنت أعطيتني أن لا تعرض لي بشيء حتى يأتيك كتاب من ابن زياد.
فقال الحر: أجل، لكن لم يأتوا معك.
قال الحسين (عليه السلام): هم أصحابي، وهم بمنزلة من جاء معي، فإن تممت علي ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك! فكف عنهم الحر.
ثم قال لهم الحسين (عليه السلام): أخبروني خبر الناس وراءكم؟
فقال له مجمع بن عبد الله العائذي - وهو أحد النفر الأربعة الذين جاؤوه: أما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم، وملئت غرائرهم، يستمال ودهم ويستخلص به نصيحتهم، فهم إلب واحد عليك!