أما بعد، يا ابن الحر! فإن مصركم هذه كتبوا إلي وخبروني أنهم مجتمعون على نصرتي، وأن يقوموا دوني ويقاتلوا عدوي، وأنهم سألوني القدوم عليهم، فقدمت، ولست أدري القوم على ما زعموا، لأنهم قد أعانوا على قتل ابن عمي مسلم بن عقيل رحمه الله وشيعته. وأجمعوا على ابن مرجانة عبيد الله بن زياد يبايعني ليزيد بن معاوية، وأنت يا ابن الحر فاعلم أن الله عز وجل مؤاخذك بما كسبت وأسلفت من الذنوب في الأيام الخالية، وأنا أدعوك في وقتي هذا إلى توبة تغسل بها ما عليك من الذنوب، وأدعوك إلى نصرتنا أهل البيت، فإن أعطينا حقنا حمدنا الله على ذلك وقبلناه، وإن منعنا حقنا وركبنا بالظلم كنت من أعواني على طلب الحق.
فقال عبيد الله بن الحر: والله! يا ابن بنت رسول الله! لو كان لك بالكوفة أعوان يقاتلون معك لكنت أنا أشدهم على عدوك، ولكني رأيت شيعتك بالكوفة وقد لزموا منازلهم خوفا من بني أمية ومن سيوفهم، فأنشدك بالله أن تطلب مني هذه المنزلة!
وأنا أواسيك بكل ما أقدر عليه وهذه فرسي ملجمة، والله ما طلبت عليها شيئا إلا أذقته حياض الموت، ولا طلبت وأنا عليها فلحقت، وخذ سيفي هذا، فوالله ما ضربت به إلا قطعت.
فقال له الحسين (عليه السلام): يا ابن الحر! ما جئناك لفرسك وسيفك، إنما أتيناك لنسألك النصرة، فإن كنت قد بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في شىء من مالك، ولم أكن بالذي أتخذ المضلين عضدا، لأني قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: من سمع داعية أهل بيتي، ولم ينصرهم على حقهم ألا أكبه الله على وجهه في النار. ثم سار الحسين (عليه السلام) من عنده ورجع إلى رحله. (1)