فجئناه حين نزل، فسلمنا عليه، فرد علينا، فقلنا له: يرحمك الله، إن عندنا خبرا، فإن شئت حدثنا علانية، وإن شئت سرا. فنظر إلى أصحابه وقال: ما دون هؤلاء سر. (1) فقلنا له: أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس؟
قال: نعم، وقد أردت مسألته. فقلنا: قد استبرأنا لك خبره وكفيناك مسألته، وهو امرؤ من أسد منا ذو رأي وصدق وفضل وعقل، وأنه حدثنا: إنه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، وحتى رآهما يجران في السوق بأرجلهما!
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! رحمة الله عليهما. فردد ذلك مرارا.
فقلنا: ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلا انصرفت من مكانك هذا، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة، بل نتخوف أن تكون عليك! (2) فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبي طالب.
قال أبو مخنف: حدثني عمر بن خالد، عن زيد بن علي بن حسين، وعن داود ابن علي بن عبد الله بن عباس أن بني عقيل قالوا: لا والله! لا نبرح حتى ندرك ثأرنا، أو نذوق ما ذاق أخونا!
الأسديان قالا: فنظر إلينا الحسين (عليه السلام) فقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء!
فعلمنا أنه قد عزم له رأيه على المسير، فقلنا: خار الله لك.
فقال: رحمكما الله....