البصرة كتابا مع مولى له اسمه سليمان ويكنى أبارزين، يدعوهم إلى نصرته ولزوم طاعته، منهم: يزيد بن مسعود النهشلي، والمنذر بن الجارود العبدي.
فجمع يزيد بن مسعود بني تميم وبني حنظلة وبني سعد، فلما حضروا قال: يا بني تميم! كيف ترون موضعي فيكم، وحسبي منكم؟
فقالوا: بخ بخ، أنت والله! فقرة الظهر، ورأس الفخر، حللت في الشرف وسطا، وتقدمت فيه فرطا.
قال: فإني قد جمعتكم لأمر أريد أن أشاوركم فيه، وأستعين بكم عليه.
فقالوا: إنا والله! نمنحك النصيحة، ونحمد لك الرأي، فقل حتى نسمع.
فقال: إن معاوية مات، فأهون به والله هالكا ومفقودا، ألا وإنه قد انكسر باب الجور والإثم، وتضعضعت أركان الظلم، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمرا ظن أنه قد أحكمه، وهيهات والذي أراد، اجتهد والله ففشل، وشاور فخذل، وقد قام ابنه يزيد شارب الخمور، ورأس الفجور، يدعي الخلافة على المسلمين، ويتأمر عليهم بغير رضى منهم، مع قصر حلم، وقلة علم، لا يعرف من الحق موطئ قدمه.
فأقسم بالله قسما مبرورا! لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين، وهذا الحسين بن علي، ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ذو الشرف الأصيل، والرأي الأثيل، له فضل لا يوصف، وعلم لا ينزف، وهو أولى بهذا الأمر؛ لسابقته وسنه وقدمه وقرابته، يعطف على الصغير، ويحنو على الكبير، فأكرم به راعي رعية، وإمام قوم وجبت لله به الحجة، وبلغت به الموعظة، فلا تعشوا عن نور الحق، ولا تسكعوا في وهدة الباطل، فقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل، فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله ونصرته، والله! لا يقصر أحد عن نصرته إلا أورثه الله الذل في ولده، والقلة في عشيرته، وها أنا ذا قد لبست للحرب لامتها، وادرعت لها بدرعها، من لم