رسول الله! أن الله غافل عما يعمل الظالمون، وأنا أشهد أن من رغب عن مجاورتك وطمع في محاربتك ومحاربة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله) فما له من خلاق.
فقال الحسين (عليه السلام): اللهم اشهد!
فقال ابن عباس: جعلت فداك يا ابن بنت رسول الله! كأنك تريدني إلى نفسك؟
وتريد مني أن أنصرك؟ والله [الذي]، لا إله إلا هو! إن لو ضربت بين يديك بسيفي هذا حتى انخلع جميعا من كفي، لما كنت ممن أوفي من حقك عشر العشر! وها أنا بين يديك مرني بأمرك.
فقال ابن عمر: مهلا، ذرنا من هذا يا ابن عباس!
ثم أقبل ابن عمر على الحسين (عليه السلام) فقال: أبا عبد الله! مهلا عما قد عزمت عليه، وارجع من هنا إلى المدينة، وادخل في صلح القوم، ولا تغب عن وطنك وحرم جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا تجعل لهؤلاء الذين لا خلاق لهم على نفسك حجة وسبيلا، وإن أحببت أن لا تبايع فأنت متروك حتى ترى برأيك، فإن يزيد بن معاوية - لعنه الله - عسى أن لا يعيش إلا قليلا، فيكفيك الله أمره.
فقال الحسين (عليه السلام): أف لهذا الكلام أبدا ما دامت السماوات والأرض!
أسألك بالله يا عبد الله! أنا عندك على خطأ من أمري هذا؟ فإن كنت عندك على خطأ فردني فإني أخضع وأسمع وأطيع.
فقال ابن عمر: أللهم لا! ولم يكن الله تعالى يجعل ابن بنت رسوله على خطأ، وليس مثلك من طهارته وصفوته من الرسول (صلى الله عليه وآله) على مثل يزيد بن معاوية - لعنه الله - باسم الخلافة، ولكن أخشى أن يضرب وجهك هذا الحسن الجميل بالسيوف، وترى من هذه الأمة ما لا تحب، فارجع معنا إلى المدينة، وإن لم تحب أن تبايع فلا تبايع أبدا، واقعد في منزل.