من فيه نور رأى أهل مكة منه قصور بصرى من الشام وما يليها، والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها، والقصور البيض من إسطخر وما يليها، ولقد أضاءت الدنيا ليلة ولد النبى (صلى الله عليه وآله) حتى فزعت الجن والإنس والشياطين، وقالوا: حدث في الأرض حدث، ولقد رأى الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل، وتسبح وتقدس، وتضطرب النجوم وتتساقط، علامة لميلاده.
ولقد هم إبليس بالظعن في السماء لما رأى من الأعاجيب في تلك الليلة، وكان له مقعد في السماء الثالثة، والشياطين يسترقون السمع، فلما رأوا العجائب أرادوا أن يسترقوا السمع، فإذا هم قد حجبوا من السماوات كلها، ورموا بالشهب، دلالة لنبوته (صلى الله عليه وآله).
قال له اليهودي: فإن عيسى (عليه السلام) يزعمون أنه قد أبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله؟
قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من ذلك: أبرأ ذا العاهة من عاهته، وبينما هو جالس إذ سأل عن رجل من أصحابه فقالوا: يا رسول الله! إنه قد صار من البلاء كهيئة الفرخ الذي لا ريش عليه. فأتاه (صلى الله عليه وآله) فإذا هو كهيئة الفرخ من شدة البلاء، فقال له: قد كنت تدعو في صحتك دعاء؟
قال: نعم، كنت أقول: يا رب! أيما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة فاجعلها لي في الدنيا! فقال له النبى (صلى الله عليه وآله): ألا قلت أللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. فقالها الرجل، فكأنما نشط من عقال، وقام صحيحا وخرج معنا!
ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطع من الجذام، فشكا إليه (صلى الله عليه وآله)، فأخذ قدحا من ماء فتفل عليه، ثم قال: إمسح جسدك. ففعل فبرئ حتى لم يوجد عليه شيء!