فنحن بين يديك، فمرنا بما أحببت ثم أنشأ يقول:
فنحن نصرنا الله من قبل ذاكم * وأنت بحق جئتنا فستنصر سنكفيك دون الناس طرا بأسرنا * وأنت به من سائر الناس أجدر فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزاكم الله من حي عن الإسلام وأهله خيرا، فقد أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدين، ونويتم نصر المسلمين.
وقام سعيد بن عبيد البحتري من بني بحتر فقال: يا أمير المؤمنين! إن من الناس من يقدر أن يعبر بلسانه عما في قلبه، ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجده في نفسه بلسانه، فإن تكلف ذلك شق عليه، وإن سكت عما في قلبه برح به الهم والبرم، وإني والله! ما كل ما في نفسي أقدر أن أوديه إليك بلساني، ولكن والله! لأجهدن على أن أبين لك، والله ولي التوفيق، أما أنا فإني ناصح لك في السر والعلانية، ومقاتل معك الأعداء في كل موطن، وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك، ولا لأحد اليوم من أهل زمانك، لفضيلتك في الإسلام وقرابتك من الرسول، ولن أفارقك أبدا حتى تظفر أو أموت بين يديك.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يرحمك الله فقد أدى لسانك ما يجن ضميرك لنا، ونسأل الله أن يرزقك العافية ويثيبك الجنة.
وتكلم نفر منهم، فما حفظت غير كلام هذين الرجلين.
ثم ارتحل أمير المؤمنين فاتبعه منهم ستمائة رجل حتى نزل ذا قار، فنزلها في ألف وثلثمائة رجل. (1) [117] - 38 - ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم الشحامي، أنبأنا أبو بكر العمري. وأخبرنا أبو الفتح المصري، وأبو نصر الصوفي، وأبو علي الفضيلي، وأبو محمد حفيد العميري،